06.07.2010 / الصحة والشؤون الاجتماعية التقرير السنوي الخامس و العشرون
الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي

تتمثّل مهمّة الاتّحاد التّونسي للتّضامن الاجتماعيّ حسب نظامه الأساسيّ خاصّة في تنمية شعور التّضامن بين فئات المجتمع وإفساح مجال البذل لذوي البرّ والإحسان والمساهمة في إرساء سياسة شاملة في ميدان التّضامن الاجتماعيّ تساعد على حماية الفئات المعوزة والضّعيفة والنّهوض بها وتساهم في بعث مواطن رزق وتحسينها لفائدة ضعفاء الحال.
وللتّأكّد من مدى استعمال الإعانات المسندة من الدّولة في الأغراض المخصّصة لها أفردت دائرة المحاسبات الاتّحاد برقابة غطّت مختلف أوجه تصرّفه الماليّ والإداريّ وشملت الفترة الممتدّة من سنة 2004 إلى جوان 2009 تبيّن من خلالها أنّه شهد خلال السّنوات الأخيرة تعزيزا وتنويعا لمجالات تدخّله.
فإضافة إلى تطوير المساعدات الاجتماعيّة كمّا وكيفا،سعى الاتّحاد إلى تدعيم نشاطه المتعلّق ببعث موارد الرّزق للفئات المعوزة واعتمد طرق تصرّف ومتابعة ترمي إلى إحكام استعمال الموارد الموضوعة على ذمّته وتوظيفها للأغراض المخصّصة لها.ولتطوير عمل الاتحّاد وتثمين تدخّلاته مركزيّا وجهويّا ومحلّيّا يتّجه العمل على إضفاء مزيد من الإحكام على بعض أوجه التّصرّف لديه بما يضمن الاستعمال الأمثل لمختلف موارده.
1- التّصرّف الإداريّ والماليّ
اتّضح أنّ هيكلة الاتّحاد على نحو ما أقرّها إصلاح قطاع التّضامن الاجتماعيّ منذ سنة 1988 مازالت لم تكتمل بعدُ.فإلى موفىّ جوان 2009 بلغ عدد الجمعيّات الجهويّة المنخرطة في الاتّحاد أربع جمعيّات وظلّت عشرون لجنة جهويّة للتّضامن الاجتماعيّ غير مرتبطة هيكليّا بالاتّحاد كما لم يتمّ إحداث أيّة رابطة وطنيّة مختصّة ممّا انجرّ عنه غياب علاقة قانونيّة واضحة تصل الاتّحاد بمختلف الهياكل الجهويّة للتّضامن التي يموّلها وتؤسّس لروابط تقوم على مبادئ التّنظيم المتماسك والمساءلة الفعّالة.
كما تبيّن أنّ هذه الهياكل الجهويّة لا تتوفّر لديها دائما مقوّمات الجمعيّة من نظام أساسيّ وقائمة للمنخرطين وهياكل تسيير تجتمع بانتظام.وكذلك كان الشّأن بالنّسبة إلى اللّجان المحلّيّة التي ظلّ نشاطها يتّسم بالموسميّة.
ودون اعتبار الموارد العينيّة والهبات الخارجيّة،ظلّت الموارد الذّاتيّة للاتّحاد والمرسّمة بميزانيّاته للسّنوات الأخيرة محدودة مقارنة بمجموع موارده الماليّة والحال أنّ مهمّة الاتحّاد تتمثّل خاصّة في تنمية شعور التّضامن والتّعاون بين مختلف فئات المجتمع وإفساح مجال البذل لذوي البرّ والإحسان.
وللتأكّد من توظيف موارد التبّرّعات في ما رصدت له ينبغي على الاتّحاد حثّ كافة اللّجان الجهويّة للتّضامن على محاسبة اللّجان المحلّيّة الرّاجعة إليها بالنّظر بخصوص ما سلّمته إليها من مقتطعات تبرّع حصلت عليها من الاتحّاد لترويجها.
أمّا من حيث التّصرّف في الموارد العينيّة فتتّجه معالجة الوضع النّاجم عن احتواء مخازن الاتحّاد على عدد هامّ من الفصول التي تبلغ قيمتها الجمليّة حوالي 3,1 م.د والتي لم تشهد أيّة حركة منذ مدّة طويلة. ويستدعي تحقيق الحفظ الملائم للمواد الغذائيّة المخزّنة تأمين ظروف أفضل كتوفير أجهزة للتّبريد بالنّسبة إلى المواد القابلة للتّعفّن والتّقيّد باستمرار بالإجراءات التي تمكّن من المحافظة على هذه الموادّ.
2- إسناد المساعدات
بيّن النّظر في تنفيذ برنامج الإعانات الجامعيّة الموجّهة إلى 15 ألف طالب سنويّا خلال الفترة 2004-2008 أنّ الاتّحاد يقوم سنويّا بتحويل مبالغ الإعانات إلى الجامعات واللّجان الجهويّة للتّضامن الاجتماعي دون الحصول مسبقا على قوائم المرشّحين للانتفاع بهذه المساعدات مصادقا عليها على مستوى كلّ جهة ممّا لا يمكّن من التأكّد من إسناد الإعانات في كلّ الحالات إلى مستحقّيها.
ويوجّه الاتّحاد بمناسبة الأعياد الدّينيّة مساعدات نقديّة إلى 50 ألف مستفيد سنويّا لا تتوفّر في شأن البعض منها وصولات تسلّم تسمح بالتّأكّد من بلوغ هذه المساعدات إلى مستحقّيها ممّن أدرجت أسماؤهم بسجلّ الفقر.
3- برامج رعاية الفئات ذات الإحتياجات الخصوصية
يعمل الاتّحاد وفقا لنظامه الأساسيّ على توظيف موارده لحماية الفئات المعوزة والضّعيفة والنّهوض بها.ورغم المجهودات المبذولة فإنّ الحاجة تدعو إلى تذليل بعض الصّعوبات التي تخصّ أساسا سير مراكز رعاية المسنّين والفرق المتنقّلة.فمراكز رعاية المسنّين التي بلغ عددها 11 مركزا في موفّى مارس 2009 وتحتضن 696 مسنّا مازالت تتطلّب الدّعم بالموارد البشريّة الملائمة من أعوان الرّعاية المختصّين الذين يقتصر عددهم الجمليّ على 7 أعوان يتوزّعون على 3 مراكز دون غيرها.ويتّجه فضلا عن ذلك التّقليص من نسبة المقيمين بهذه المراكز من غير المسنّين.
ويستدعي تحقيق الأهداف المضمّنة بالخطّة العشريّة للمسنّين (2003-2012) إلحاق بعض الاختصاصات كمساعدي العيش والمربّين متعدّدي الاختصاصات والإطارات شبه الطبّيّة للعمل بالفرق المتنقّلة للنّهوض بأدائها.فضلا عن ذلك ما زالت أساليب عمل هذه الفرق في حاجة إلى المراجعة حتّى لا تقتصر تدخّلاتها أحيانا على إسناد المساعدات العينيّة دون الإحاطة بالجانب الصّحّيّ للمسنّين.
أمّا برنامج الإحاطة بالمعوّق ذهنيّا صلب العائلة الذي تمّ إرساؤه في مارس 1994 لغاية المحافظة على الرّوابط الأسريّة وتقديم حلّ بديل لمطالب الإيواء التي لم تتمّ الاستجابة لها فإنّ النفقات المنجزة بعنوانه خلال الفترة 2004- 2008 لم تتطوّر إلاّ بنسبة 2,4 % سنويّا.وشهد عدد المنتفعين بهذا البرنامج شبه استقرار إذ مرّ من 118 منتفعا في بداية سنة 2004 إلى 124 منتفعا في موفىّ مارس 2009.ويقتصر عدد الفرق المتنقّلة المخصّصة للاعتناء بالمعوّقين على فريق وحيد ممّا يحول دون تطوّر عدد التّدخّلات التي تكاد تنحصر في منطقة تونس الكبرى.
لذلك فإنّ الاتّحاد مدعوّ إلى العمل على تطوير الخدمات المسداة بمراكز الرّعاية الموجّهة إلى المسنّين والمعوّقين خاصّة من حيث توفير الظّروف الكفيلة بتحقيق الجودة المطلوبة وتدعيم جانب المتابعة.
4- المشاريع التّنمويّة
بلغ في موفىّ سنة 2008 عدد المشاريع التّنمويّة التي تمّ إحداثها بتمويل من الاتحّاد وشركائه ما يناهز 80 مشروعا بكلفة جمليّة قدرها 16,6 م.د لفائدة حوالي 4500 عائلة تنتمي إلى 84 منطقة تدخّل تعود بالنّظر إلى 49 معتمديّة من 23 ولاية.ويحتاج هذا الجانب من نشاط الاتحّاد إلى مزيد إحكام برمجة المشاريع التّنمويّة ومتابعة تنفيذها واستغلالها بما يساعد على تحقيق نتائج أفضل من حيث إدماج الفئات المستهدفة اجتماعيّا واقتصاديّا.
ورغم تطوّر مساهمة الأطراف الأجنبيّة في تمويل هذه المشاريع من 3,5 % سنة 1992 إلى 61,4 % سنة 2008 فإنّها ظلّت منحصرة أساسا في عدد قليل من المموّلين ولا تفي دائما بحاجيات الاتّحاد من حيث توفير الموارد الضّروريّة لتمويل المشاريع التي تمّت دراستها.
أمّا صناديق دعم المشاريع التي ارتفعت مداخيلها في 31 ديسمبر 2008 إلى حوالي 1,1 م.د والتي تعتبر آليّة لضمان استمراريّة المشاريع فتتطلّب تكثيف المتابعة في شأنها.فباستثناء ثلاثة صناديق تمّ إفرادها بمثل هذه الأعمال لم تتولّ مصالح الاتّحاد القيام بالمتابعة الدّوريّة لوضعيّة بقيّة الصّناديق للتّأكّد من استعمال مواردها في الأغراض التي رصدت من أجلها.
وتشوب عمليّة متابعة استخلاص السّلفات بالنّسبة إلى المشاريع التّنمويّة نقائص تحول دون التّعرّف بصفة حينيّة وشاملة على المقادير المسترجعة والمقادير المتبقّية للاستخلاص بالنّسبة إلى كلّ منتفع حيث لا يتمّ دائما إعداد جداول سداد للسّلفات بالعناية والدّقّة اللاّزمتين وذلك إضافة إلى عدم إعداد جداول متابعة استرجاع المبالغ المستحقّة بالنّسبة إلى كلّ منتفع.
وفي ما يهمّ إنجاز المشاريع التّنمويّة فينبغي تذليل الصّعوبات التي أدّت أحيانا إلى تأخير في آجال تنفيذها بلغ في بعض الحالات سنتين.ولمزيد إحكام تنفيذ المشاريع يتّجه تحسين طرق العمل وتوضيح مهامّ مختلف المتدخّلين والعلاقة الوظيفيّة التي تربط بينهم وتحميل المستوى الجهويّ مسؤوليّة أكثر في جميع مراحل النّشاط التّنمويّ وذلك فضلا عن تحديد الأسباب التي تحدّ من تطوّر المشاريع والتّنسيق مع الجهات المختصّة ذات التّجارب السّابقة في الميدان قصد إيجاد الحلول الملائمة.ويستدعي تأمين ذلك خاصّة إعادة النّظر في هيكلة الخليّة المركزيّة المكلّفة بالمشاريع التّنمويّة وتحديد منهجيّة واضحة للّتدخّل وإعداد دليل للإجراءات.


